بغداد: هدى العزاوي
عممت مستشارية الأمن القومي ستراتيجياتها الفرعية في "مكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب" على عدة مؤسسات ساندة في الدولة، ويعد القضاء من أبرز المؤسسات التي استجابت بقوة وتفاعل مع هذه الستراتيجية، إلا أن المؤسسة القضائية شخصت نقص المنظومة القانونية والتشريعية في هذا المجال، ودعت إلى ضرورة تشريع قانون لتجريم التحريض الطائفي وخطاب الكراهية.
وقال أحد أعضاء لجنة "محاربة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب" من المؤسسة القضائية القاضي ناصر عمران لـ"الصباح": "لابد من الإشارة في البدء إلى أنه لا يوجد قانون خاص يجرِّم التطرُّف العنيف، ولكن إذا كان تطرفاً عنيفاً يدخل في مجالات جريمة الخطر، فكما معروف في قانون العقوبات أن هناك جرائم الخطر وجرائم الضرر، فالتطرف العنيف يدخل في مجال جرائم الخطر".
وأوضح "تناولت الكثير من القوانين التطرف العنيف وورد في مواد قانونية مشتملة في قوانين أخرى، ومن أهم هذه القوانين قانون العقوبات العراقي رقم111 لسنة 1960 المعدل، وأهم مواده المادة رقم 200 الخاصة بتجريم خطاب الكراهية، كذلك ورد حديثاً في قانون الأحزاب العراقية قانون تجريم حزب البعث، وقد شكلت لجنة تهتم بمراقبة الحزب ونظامه الداخلي وأفكاره، وأحد أهم أسباب تجريمه ما ورد في المادة 32 التي تدل على لجوء حزب البعث إلى العنف"، مبيناً أن "هذه القوانين ليست على سبيل الحصر، لأن هناك الكثير من القوانين الموزَّعة تشدد على الابتعاد عن التطرف".
وأضاف، "لا يمكن تحديد فلسفة تنظيرية للقضاء بما يتعلق بتطبيق ستراتيجية مكافحة التطرف، لأن ذلك لا يتفق مع الطبيعة العملية للعمل القضائي وبخاصة في شقه الجزائي، لأنه مرتهن إلى النص العقابي الذي يجد تجذُّره في فلسفة العقوبة وما تمثله في محتواها من تحقيق الردع العام والخاص، فضلاً عن فضاءاتها العامة المتمثلة بتحقيق العدالة، ولا يمكن للقضاء بحسب تلك الطبيعة أن يكون متبنيا لستراتيجية خاصة لها رؤيتها وتنظيرها وحيِّزها المكاني والزماني".
وبين أن "القضاء بحسب الرؤية الستراتيجية لـ(مكافحة التطرف العنيف المؤدي للإرهاب) يقف في المنتصف ما بين (الستراتيجية الوقائية) التي تعمل وضمن آليات العمل ومفرداته الموزعة بين جميع الوزارات والهيئات الحكومية، فضلاً عن الفعاليات الاجتماعية على منع التطرف العنيف عبر منظومة وقائية تضع المتطرف على جادة الاعتدال والوسطية التي ألفها المجتمع العراقي وتبعده عن الطارئ والسيء، و(الستراتيجية التأهيلية) والتي تعنى بتأهيل المتطرِّف العنيف الذي وقع في المحذور الإرهابي والتي لها ستراتيجيتها وبرامجها التأهيلية والتي تتسق مع الهدف العام للمؤسسات العقابية وأنواعها".
وأشار إلى أن كلا "الستراتيجيتين الوقائية والتأهيلية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي للإرهاب، لا يمكنهما إغفال الدور العلاجي كمتبنى عملي وتطبيقي لعملهما التنظيري من جانب والتأهيلي من جانب آخر، والحقيقة أن ذلك التأصيل للستراتيجية جاء من خلال المحاور الذي تتبناها الستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف، وقد تم بيان ماهيتها وأهدافها وأسباب اعتمادها والنتائج المتوخاة منها في منهاج (الستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي للإرهاب). ونوّه القاضي عمران بأن "دور القضاء لا يختلف عن دور أي مؤسسة من مؤسسات الدولة فما بالك بالسلطة القضائية التي تشكل إحدى السلطات الثلاث للدولة إضافة للسلطتين التشريعية والتنفيذية والتي نص عليها الدستور في المادة (47) منه، مع الاحتفاظ لكل مؤسسة بخصوصية عملها والذي سيشكل بالمجمل مع الكل منظومة متكاملة لعمل (الستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي للإرهاب).